إيمان





29 / إبريل 2008

المشهد الأول :

تماسكت الحبات الرملية وانجذبت نحو راحتها الصغيرة … ملبية لدواعي الجذب التي تمارسها .. وهي تبني قصر أحلامها .. أميرة على شاطئ البحر ..

وضحكات بدأت تألف المكان .. تمتزج وصوت موج البحر الذي بدا كأرجوحة تتمايل أمام الشاطئ روحة وجيئة ..

- ماما ، انظري قصري الرملي .. قريبا سأُتوج أميرته الجميلة …

- أميرة .. هل تتمنين قصرا تعيشين فيه حلمك الوردي ؟

- ها … ماذا تعنين ؟

- لا شئ لا شئ .. أميرتي .. هيا جهزي نفسك للغداء ..

- ماما ، والقصر .. ؟

- فيما بعد ، فيما بعد !!!

سرت بثقل وقدماي تغوصان في الرمل الناعم الذي اغتسل بماء البحر صباحا … سرت موليةً وجهي شطر طاولة الطعام التي تطالبني أسرتي الصغيرة بتجهيزها …

المشهد الثاني :

اليوم لصغاري كان بمثابة الحلم .. أن نخرج سوية نلعب ونلهو ، نسبح ، نداعب الرمل ، كل شئ كان اليوم كالحلم .. أما أنا فقصر صغيرتي الرملي ، أثار في عقلي زوبعة من الذكريات … والقصور الرملية التي اعتدت بناءها عندما كنت كربيعها الذي تحياه

المشهد الثالث :

تأملتها تقف على طاولت الطعام .. تسرق اللقمة ، وتسترق النظر لقصرها .. وهكذا حتى بعد لقيمات قليلة .. انتفضت ..- الحمد لله شبعت …- ماذا ؟ لم تأكلي شيئا …واطلقت ساقيها راكضة نحو قصرها ..

- ماما … لا أستطيع .. الموج يعلو ، وقصري سينهار …

المشهد الرابع :

من خلف زجاج نافذتي الصغيرة بدا لي أن الوقت الآن هو أفضل مايكون للتأمل …الأولاد مع أبيهم في مباريات كروية … وضحكاتهم تعلو حينا … وحينا تعلو الصرخات .. شمس النهار بدأت تتلفع عباءتها .. فقد حان المغيب … ركبت أقصى البحر لتغادرنا على أمل العودة ..أمواج البحر بدأت تعلو .. وسرعة الهواء بدأت تزداد حدةوصغيرتي تتحرك يمنة ويسرة .. كأم تحمي صغيرها من يد عابث .. نعم إنه القصر .. قصرها الرملي …

دقائق ثم هاهي تقبل نحوي .. عينيها العسليتين .. تسبح في دمع غزير وكأنها تحدق في فراغ ..

فتحت الباب .. كدت أسمع يأسها يتحدث .. وجدتني على أريكتي قرب النافذة .. رمت برأسها في حضني وأنشدت نشيجا من صميم قلبها ..

- أمي لقد ذهب القصر … قصري أخفته الأمواج … وغدا حفنات من رمل رطب

مسحت بيدي على خصل شعرها المتناثر والذي يبدو أنها تعبت فثارت ثائرته وهي تحاول حماية قصرها، ضممتها لصدري لأهمس في أذنيها

.. آه ياصغيريتي .. ابكي قصرك … ابكيه ، فلو كنت مكانك لفعلت ..

علمتني قصوري المهدمة …ألا أبنيها على رمال .. ولا من رمال .. عندها سأقوى على حمايتها من الأمواج العاتيةابكي صغيرتي ,,,

فالقصور لا تشيد على رمال …

...............................

عدد التعليقات على “مشاهد من حكاية القصر”

  1. أنفاس الرحيل

    علمتني قصوري المهدمة …

    ألا أبنيها على رمال .. ولا من رمال .. عندها سأقوى على حمايتها من الأمواج العاتية

    ابكي صغيرتي ,,, فالقصور لا تشيد على رمال …

    جميلة ، مُعبرة !

    صدقتِ ، فحين نريد أن نبي قصوراً لا بد لنا من أساس وثوابت تليق بتلك القصور حتى لا تزول وإن واجهتها الأمواج والرياح من كل انجاه !

    وإن لم نُحسن الأساس سنخسر الكثير ، وسينهد البناء !

    بورك بكِ ، وبالحرف ياغالية : )

    .

  2. إيمان

    وبكِ بارك الله … يا غالية …
    يبتهج القلب بنفسك هنا … لا أذاقنا الله رحيلك يا أنفاس

  3. Aofoq

    فالقصور لا تشيد على رمال …

    مؤثرة ..
    سلمت يا غالية
    و بورك مدادك

  4. إيمان

    أهلا Aofoq :
    بورك مرورك

  5. أمل مشرق

    حبيبتي
    اللهم بارك
    تخيلت نفسي هي تلك الطفلة عشت معها كل لحظه كادت دمعة من عيني تنحدر..

    القصور لاتشيد على رمال..
    رائعة جدا..
    كم تؤنسني كتاباتك غاليتي..
    لاحرمتك..

  6. إيمان

    أهلا أمل

    سعادة لا توصف غمرتني .. عندما لمحت إشراقتك هنا …

    الله لا يحرمني منك أيضا


2 التعليقات
  1. buthain Says:

    جميلة للغاية ..!


  2. إيمان Says:

    مرورك الأجمل بثين :)


إرسال تعليق